(وأما بنعمة ربك فحدث) مقولة حق يراد بها أحيانًا باطلًا فالله تعالى يحب العبد الشكور الذي هو دائم الذكر لنعمة ربه، ولكن ما هذا الذكر
الذي يريده الله والذى يتخذه المسرف المريض بحب المظاهر والظهور حجة للتنفيس عن جوانب القصور فى ذاته، فحب المظاهر
هو آفة كل المجتمعات، وتزداد هذه الآفة تفاقمًا بازدياد حجم التخلف الحضاري والثقافي الموجود داخل المجتمع، بل أننا نرى
داخل المجتمع المتقدم نفسه أن آفة حب المظاهر تصيب أول من تصيب الأشخاص المصابين بالإحساس بالدونية
فنجد مثلًا في بعض الدول المتقدمة بعضًا من صغار الموظفين مولعين بالتفوق على رؤسائهم فيما يقتنون من سيارات فارهة أو ملابس
فاخرة تنبئ زورا عن امكانات مادية فائقة، إلا أن المجتمعات الغربية بصفة عامة بدأت تتحرر من هذه الآفة ويضع الأشخاص
ضوابط للإنفاق والاستهلاك، لأن هذا يساعد الفرد على تحسين وضعه المادي كما يساعد المجتمع ككل على تحقيق قفزات
في دنيا التقدم والتطور، ونحن لا نجد في المجتمعات الغربية تلك الولائم التي ينفق عليها تكاليف باهظة ثم يكون مآلها إلى صناديق
القمامة بالرغم من وجود ملايين البشر الذين لا يجدون قطعة الخبز الجاف التى تسد الرمق، وهذا مجرد مثل لأحد هذه المظاهر
الممقوتة؛ فمظاهر الإسراف لها أنواع كثيرة يصعب حصرها ويتجلى ذلك في المناسبات المختلفة مفرحة كانت أم محزنة.
ولو نظرنا لآفة حب المظاهر من خلال منظور المصلحة العامة نجد أن لها آثارا سلبية عديدة على الفرد والمجتمع
آثار اقتصادية
بالنسبة للفرد نجده في أفضل الحالات عاجزًا عن تحسين مستواه المادي الذي يتطلب قدرًا من المدخرات
وهذا هو أقل النتائج سوءًا لأن الفرد إذا تجاوز إنفاقه حدود دخله سيصبح مدينًا أى عالة على الآخرين.
أما بالنسبة للمجتمع سيعجر حتمًا عن اللحاق بركب التقدم لأنه ما من مجتمع كان شرعة أفراده الاستهلاك
دون الإنتاج والإنفاق دون الإدخار وحقق تقدمًا اقصاديًا بحال من الأحوال.
آثار أخلاقية
ينشأ عن تفشي هذه الظاهرة على الأخلاقية عديدة منها على سبيل المثل الحسد الذى يؤدي بدوره إلى موبقات آخرى كعقد مقارنات
وحب التقليد الأعمى حتى فى اتباع المحرمات ولا يغيب عنا ما يحدث فى الأفراح وأحيانًا فى المآتم . ومن ناحية آخرى نجد أن
بعضا من الذين يعجزون عن مسايرة الآخرين ومنافساتهم في تفوقهم المظهري يلجؤون إلى واحدة من اثنتين إما الانزواء والانطواء
والتقوقع بعيدًا عن مواقع المعارك الوهمية والمباريات القليلة فى دنيا التنافس أو يسلكون سلوكًا مختلفًا تمام الاختلاف و هو اتباع
الأسلوب العدواني مع المجتمع كله ومع ذوي الإمكانات خصوصًا ويصبح شغلهم الشاغل هو إيذاء الآخرين والحط من قدرهم
بل أن الأمر ممكن أن يتجاوز ذلك الحد فلا يقتصر على تطلع الأبصار إلى الآخرين والألسنة إلى سيرتهم بل تطاول الأيدى
ووصولها إلى جيوب و خزائن الآخرين فتتفشى علة أخلاقية آخرى بل كارثة اجتماعية.
أثر حضاري تقدمي
فمن الصعب تصور مجتمع غاية طموح أفراده إبهار الآخرين بمظهرهم أن يكون له أمل في التقدم والتطور مالم يشغل فكر
أفراده فكرة سامية أو غاية نبيلة أو قضية هامة للقفز بمجتمعه بل بالمجتمع الإنساني كله من خلال بحث علمي أو مشروع
حضاري أو ما شابه ذلك فالانخراط فى التفكير بموضوع المظاهر يسلبنا إلى جانب المال الرقي الفكري.
أما منظور الدين وهو يعود بنا إلى الدعوة إلى ذكر نعمة الله علينا والذي يتخذها البعض ذريعة للإسراف أما ذكر نعمة الله فشيء مختلف
تمامًا؛ فهو يتمثل في كل عمل إنساني يقوم به المسلم سواء بالمال أم بالجهد وليس بالتباهي والتفاخر بما وهبنا الله؛ بل بالكيفية
التى ستنفق بها هذا المال فمن السذاجة كل السذاجة أن يظن المرء أنه وُهب المال لينفقه حسب هوى نفسه فحقيقة الأمر
أن المال مال الله وهو من الابتلاءات والفتن الكبيرة فى الدنيا، قال تعالى : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَة } [ الأنفال:28]
كما قال صلى الله عليه و سلم :«لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ : عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ
وعن شبابِهِ فيما أبلاَهُ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وماذا عملَ فيما علِمَ» (الترمذي، صحيح الترمذي؛ رقم [2416])
والرسول صلى الله عليه وسلم مثل لنا الأسوة فى التعامل مع المال فكان ينفق منه فى أوجه البر بلا حساب؛ أما نفقته الشخصية
ونفقة أهل بيته فكانت كفافًا و كذلك كان أصحابه رضوان الله عليهم جميعًا، فمن المبادئ الإسلامية الهامة التي غابت عنا في ظل
ولعنا بالمظاهر مبدأ التكافل الاجتماعي فكيف للمسلم أن يجمع النقيضين وهوعشق الدنيا والهيام بمباهجها، وحب الخير للآخرين
والشعور بمسئولية نحو المحتاجين، فحب المظاهر من شأنه أن يغذي النزعة الأنانية للفرد ويجرده تدريجيًا من روح العطف و الرحمة
و حب المظاهر يعتبر حصيلة شعورين متقابلين، فهو يعالج شعور لديه بالنقص بارتدائه لباس الكبر والخيلاء، وهما شعوران
يرفضهما الدين، فالمسلم الحق إنسان واثق من نفسه تمام الثقة وكل ما يعنيه في ذاته وفي الآخرين هو الجوهر
لا المظهر وهو في نفسالوقت بعيد كل البعد عن التعالي والتكبر والشهرة الممقوتة
قال صلى الله عليه و سلم : «من لبس ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا ألبسه اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ ثمَّ ألهب فيه نارًا»(صحيح ابن ماجه؛ رقم [2922] )
وديننا القيم وكما اعتدنا على دقة أحكامه قد لمس جانبًا هامًا في هذا الموضوع بشيء من الخصوصية إذ ورد حديث يبين شدة بغض
الله تعالى للفقير المتكبر ولئن كان الحكيم عز وجل يبغض الغنى المتكبر فإن بغضه للفقير المتكبر أشد ففي الحديث الذي رواة
أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «..وثلاثةٌ يُبغِضُهم اللهُ: الشَّيخُ الزَّاني والفقيرُ المختالُ والغنيُّ الظَّلومُ» (صحيح ابن حبان؛ رقم 3349)
إذ أن ذلك يحمله فوق طاقته مما قد يعرضه للانحراف حتى يستطيع تزييف حقيقة أمره ولا ننسى الآية الكريمة التي تحذر من التطلع
لحظوظ الآخرين: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَة الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [ طه :131]
ومع كل ما سبق لا نستطيع إنكار تأكيد الدين على حسن مظهر المسلم وهذا لا يتناقض أبدًا مع الآية
الكريمة فحسن المظهر والتمتع بمباهج الحياة لا يعنى انفاق الأموال الطائلة دون الحاجة إلى ذلك وإنما
حسن المظهر يتأتى من النظافة والتنسيق وحسن الذوق ولا يعني أبدًا الإسراف والإفراط.
وكلمة أخيرة بشأن هذا الموضوع البالغ الأهمية أنه من الأشياء التى تحز في النفس أن نكون نحن –المسلمين-
وقد كان لزامًا علينا أن نكون قدوة لجميع المجتمعات إذ وصفنا الله فى قوله تعالى : {كنتم خير أمة أخرجت للناس}
أننا قد أصبحنا موضع سخرية من المجتمعات المتحضرة لاتخاذنا أنماطًا سلوكية يعتبرونها سفهًا و عدم تقدير للمسئولية
في الوقت الذى نكون أحوج ما نكون فيه لبناء المجتمع الإسلامي ذي الشخصية الإسلامية المتميزة داخل بلادنا وخارجها.
ففي الوقت الذي ينفق فيه أعداء الإسلام الأموال الطائلة لطمس الهوية الإسلامية؛ نقدم لهم نحن الأموال الطائلة أيضًا لنشتري منهم
الحضارة الزائفة المتمثلة في أحدث صيحات الموضة في اللباس والسيارات والبرامج الإعلامية الهدامة لقيمنا وأخلاقياتنا بل في الطعام
والشراب والمحرمات فى الوقت الذى تتعالى فيه صرخات الاستغاثة من القلة المدافعة عن المسجد الأقصى ومن المسلمين المشردين
في البقاع المختلفة ومن المسلمين المغتربين في بلاد أعداء الإسلام ومشكلة هؤلاء المغتربين المجاهدين من أجل إعلاء كلمة الحق ووصول
الإسلام الصحيح لكل المجتمعات التى شوهت فيها صورة الإسلام عبر وسائل الإعلام المختلفة – هوشدة الحاجة إلى الدعم المالي.
وإني لأتساءل كيف يهنأ المسلم بارتداء لباس فاخر لمجرد الزهو وهو يعلم أن طفلًا مسلمًا يعانى البرد
القارس،ويستمتع آخر باقنتاء تحفة نفيسة وهناك مسلم جائع يترصده الكفار ليفتنوه عن دينه.
إذا صار هذا هو هاجس عامة المسلمين وخاصتهم؛ فمن اذا يحمل هم الإسلام؟
الذي يريده الله والذى يتخذه المسرف المريض بحب المظاهر والظهور حجة للتنفيس عن جوانب القصور فى ذاته، فحب المظاهر
هو آفة كل المجتمعات، وتزداد هذه الآفة تفاقمًا بازدياد حجم التخلف الحضاري والثقافي الموجود داخل المجتمع، بل أننا نرى
داخل المجتمع المتقدم نفسه أن آفة حب المظاهر تصيب أول من تصيب الأشخاص المصابين بالإحساس بالدونية
فنجد مثلًا في بعض الدول المتقدمة بعضًا من صغار الموظفين مولعين بالتفوق على رؤسائهم فيما يقتنون من سيارات فارهة أو ملابس
فاخرة تنبئ زورا عن امكانات مادية فائقة، إلا أن المجتمعات الغربية بصفة عامة بدأت تتحرر من هذه الآفة ويضع الأشخاص
ضوابط للإنفاق والاستهلاك، لأن هذا يساعد الفرد على تحسين وضعه المادي كما يساعد المجتمع ككل على تحقيق قفزات
في دنيا التقدم والتطور، ونحن لا نجد في المجتمعات الغربية تلك الولائم التي ينفق عليها تكاليف باهظة ثم يكون مآلها إلى صناديق
القمامة بالرغم من وجود ملايين البشر الذين لا يجدون قطعة الخبز الجاف التى تسد الرمق، وهذا مجرد مثل لأحد هذه المظاهر
الممقوتة؛ فمظاهر الإسراف لها أنواع كثيرة يصعب حصرها ويتجلى ذلك في المناسبات المختلفة مفرحة كانت أم محزنة.
ولو نظرنا لآفة حب المظاهر من خلال منظور المصلحة العامة نجد أن لها آثارا سلبية عديدة على الفرد والمجتمع
آثار اقتصادية
بالنسبة للفرد نجده في أفضل الحالات عاجزًا عن تحسين مستواه المادي الذي يتطلب قدرًا من المدخرات
وهذا هو أقل النتائج سوءًا لأن الفرد إذا تجاوز إنفاقه حدود دخله سيصبح مدينًا أى عالة على الآخرين.
أما بالنسبة للمجتمع سيعجر حتمًا عن اللحاق بركب التقدم لأنه ما من مجتمع كان شرعة أفراده الاستهلاك
دون الإنتاج والإنفاق دون الإدخار وحقق تقدمًا اقصاديًا بحال من الأحوال.
آثار أخلاقية
ينشأ عن تفشي هذه الظاهرة على الأخلاقية عديدة منها على سبيل المثل الحسد الذى يؤدي بدوره إلى موبقات آخرى كعقد مقارنات
وحب التقليد الأعمى حتى فى اتباع المحرمات ولا يغيب عنا ما يحدث فى الأفراح وأحيانًا فى المآتم . ومن ناحية آخرى نجد أن
بعضا من الذين يعجزون عن مسايرة الآخرين ومنافساتهم في تفوقهم المظهري يلجؤون إلى واحدة من اثنتين إما الانزواء والانطواء
والتقوقع بعيدًا عن مواقع المعارك الوهمية والمباريات القليلة فى دنيا التنافس أو يسلكون سلوكًا مختلفًا تمام الاختلاف و هو اتباع
الأسلوب العدواني مع المجتمع كله ومع ذوي الإمكانات خصوصًا ويصبح شغلهم الشاغل هو إيذاء الآخرين والحط من قدرهم
بل أن الأمر ممكن أن يتجاوز ذلك الحد فلا يقتصر على تطلع الأبصار إلى الآخرين والألسنة إلى سيرتهم بل تطاول الأيدى
ووصولها إلى جيوب و خزائن الآخرين فتتفشى علة أخلاقية آخرى بل كارثة اجتماعية.
أثر حضاري تقدمي
فمن الصعب تصور مجتمع غاية طموح أفراده إبهار الآخرين بمظهرهم أن يكون له أمل في التقدم والتطور مالم يشغل فكر
أفراده فكرة سامية أو غاية نبيلة أو قضية هامة للقفز بمجتمعه بل بالمجتمع الإنساني كله من خلال بحث علمي أو مشروع
حضاري أو ما شابه ذلك فالانخراط فى التفكير بموضوع المظاهر يسلبنا إلى جانب المال الرقي الفكري.
أما منظور الدين وهو يعود بنا إلى الدعوة إلى ذكر نعمة الله علينا والذي يتخذها البعض ذريعة للإسراف أما ذكر نعمة الله فشيء مختلف
تمامًا؛ فهو يتمثل في كل عمل إنساني يقوم به المسلم سواء بالمال أم بالجهد وليس بالتباهي والتفاخر بما وهبنا الله؛ بل بالكيفية
التى ستنفق بها هذا المال فمن السذاجة كل السذاجة أن يظن المرء أنه وُهب المال لينفقه حسب هوى نفسه فحقيقة الأمر
أن المال مال الله وهو من الابتلاءات والفتن الكبيرة فى الدنيا، قال تعالى : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَة } [ الأنفال:28]
كما قال صلى الله عليه و سلم :«لاَ تزولُ قدَمُ ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ من عندِ ربِّهِ حتَّى يسألَ عن خمسٍ : عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ
وعن شبابِهِ فيما أبلاَهُ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وماذا عملَ فيما علِمَ» (الترمذي، صحيح الترمذي؛ رقم [2416])
والرسول صلى الله عليه وسلم مثل لنا الأسوة فى التعامل مع المال فكان ينفق منه فى أوجه البر بلا حساب؛ أما نفقته الشخصية
ونفقة أهل بيته فكانت كفافًا و كذلك كان أصحابه رضوان الله عليهم جميعًا، فمن المبادئ الإسلامية الهامة التي غابت عنا في ظل
ولعنا بالمظاهر مبدأ التكافل الاجتماعي فكيف للمسلم أن يجمع النقيضين وهوعشق الدنيا والهيام بمباهجها، وحب الخير للآخرين
والشعور بمسئولية نحو المحتاجين، فحب المظاهر من شأنه أن يغذي النزعة الأنانية للفرد ويجرده تدريجيًا من روح العطف و الرحمة
و حب المظاهر يعتبر حصيلة شعورين متقابلين، فهو يعالج شعور لديه بالنقص بارتدائه لباس الكبر والخيلاء، وهما شعوران
يرفضهما الدين، فالمسلم الحق إنسان واثق من نفسه تمام الثقة وكل ما يعنيه في ذاته وفي الآخرين هو الجوهر
لا المظهر وهو في نفسالوقت بعيد كل البعد عن التعالي والتكبر والشهرة الممقوتة
قال صلى الله عليه و سلم : «من لبس ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا ألبسه اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ ثمَّ ألهب فيه نارًا»(صحيح ابن ماجه؛ رقم [2922] )
وديننا القيم وكما اعتدنا على دقة أحكامه قد لمس جانبًا هامًا في هذا الموضوع بشيء من الخصوصية إذ ورد حديث يبين شدة بغض
الله تعالى للفقير المتكبر ولئن كان الحكيم عز وجل يبغض الغنى المتكبر فإن بغضه للفقير المتكبر أشد ففي الحديث الذي رواة
أبو ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «..وثلاثةٌ يُبغِضُهم اللهُ: الشَّيخُ الزَّاني والفقيرُ المختالُ والغنيُّ الظَّلومُ» (صحيح ابن حبان؛ رقم 3349)
إذ أن ذلك يحمله فوق طاقته مما قد يعرضه للانحراف حتى يستطيع تزييف حقيقة أمره ولا ننسى الآية الكريمة التي تحذر من التطلع
لحظوظ الآخرين: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَة الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [ طه :131]
ومع كل ما سبق لا نستطيع إنكار تأكيد الدين على حسن مظهر المسلم وهذا لا يتناقض أبدًا مع الآية
الكريمة فحسن المظهر والتمتع بمباهج الحياة لا يعنى انفاق الأموال الطائلة دون الحاجة إلى ذلك وإنما
حسن المظهر يتأتى من النظافة والتنسيق وحسن الذوق ولا يعني أبدًا الإسراف والإفراط.
وكلمة أخيرة بشأن هذا الموضوع البالغ الأهمية أنه من الأشياء التى تحز في النفس أن نكون نحن –المسلمين-
وقد كان لزامًا علينا أن نكون قدوة لجميع المجتمعات إذ وصفنا الله فى قوله تعالى : {كنتم خير أمة أخرجت للناس}
أننا قد أصبحنا موضع سخرية من المجتمعات المتحضرة لاتخاذنا أنماطًا سلوكية يعتبرونها سفهًا و عدم تقدير للمسئولية
في الوقت الذى نكون أحوج ما نكون فيه لبناء المجتمع الإسلامي ذي الشخصية الإسلامية المتميزة داخل بلادنا وخارجها.
ففي الوقت الذي ينفق فيه أعداء الإسلام الأموال الطائلة لطمس الهوية الإسلامية؛ نقدم لهم نحن الأموال الطائلة أيضًا لنشتري منهم
الحضارة الزائفة المتمثلة في أحدث صيحات الموضة في اللباس والسيارات والبرامج الإعلامية الهدامة لقيمنا وأخلاقياتنا بل في الطعام
والشراب والمحرمات فى الوقت الذى تتعالى فيه صرخات الاستغاثة من القلة المدافعة عن المسجد الأقصى ومن المسلمين المشردين
في البقاع المختلفة ومن المسلمين المغتربين في بلاد أعداء الإسلام ومشكلة هؤلاء المغتربين المجاهدين من أجل إعلاء كلمة الحق ووصول
الإسلام الصحيح لكل المجتمعات التى شوهت فيها صورة الإسلام عبر وسائل الإعلام المختلفة – هوشدة الحاجة إلى الدعم المالي.
وإني لأتساءل كيف يهنأ المسلم بارتداء لباس فاخر لمجرد الزهو وهو يعلم أن طفلًا مسلمًا يعانى البرد
القارس،ويستمتع آخر باقنتاء تحفة نفيسة وهناك مسلم جائع يترصده الكفار ليفتنوه عن دينه.
إذا صار هذا هو هاجس عامة المسلمين وخاصتهم؛ فمن اذا يحمل هم الإسلام؟